يعيش حزب العدالة والتنمية لحظة مفصلية في تاريخه السياسي، مع التحضير لمؤتمره الوطني الجديد، الذي يُرتقب أن يشكل محطة حاسمة لإعادة ترتيب البيت الداخلي، وتجديد قيادته، خصوصًا بعد المرحلة الصعبة التي أعقبت نتائج الانتخابات الأخيرة وخروج الحزب من دائرة الحكم.
وداع مرحلة بن كيران
عبد الإله بن كيران، الذي قاد الحزب إلى قمة المجد السياسي خلال العقد الماضي، يُعتبر رمزًا لكاريزما سياسية استثنائية جمعت بين الخطاب الشعبي الجريء والقدرة على التواصل مع قواعد الحزب وعموم المواطنين. إلا أن السياقات السياسية المتغيرة، والضغوط الداخلية والخارجية، جعلت بقاء بن كيران على رأس الحزب محل نقاش واسع.
بعد سنوات من القيادة، وبعد أزمات تنظيمية وسياسية متكررة، بات من المؤكد أن الحزب مقبل على مرحلة جديدة تتطلب وجوهًا وخيارات مختلفة. لذلك، يشكل المؤتمر الوطني المقبل فرصة لإعادة رسم ملامح مستقبل الحزب ما بعد "زمن بن كيران".
معركة خلافة بن كيران
السؤال الكبير الذي يفرض نفسه اليوم هو: من سيخلف عبد الإله بن كيران؟
عدة أسماء برزت في المشهد الداخلي للحزب كمرشحين محتملين لخلافته، ومن أبرزهم:
إدريس الأزمي الإدريسي: يمثل تيار الشباب والتجديد داخل الحزب، وهو من الأصوات التي تطالب بعودة الحزب إلى مرجعيته الأصلية وقيمه النضالية.
هناك أيضًا دعوات داخلية لظهور أسماء جديدة قد تكون بمثابة "مفاجأة المؤتمر"، تمثل تجديدًا حقيقيًا لصورة الحزب بعد التراجع الانتخابي المؤلم.
تحديات المؤتمر
مؤتمر العدالة والتنمية هذه المرة ينعقد وسط تحديات غير مسبوقة:
-
استعادة الثقة: خصوصًا بعد السقوط المدوي في الانتخابات الأخيرة.
-
تجديد الخطاب السياسي: للتماشي مع متغيرات المشهد الوطني والإقليمي.
-
إعادة هيكلة التنظيم الداخلي: عبر ضخ دماء جديدة قادرة على مواجهة التحديات المستقبلية.
الآفاق المستقبلية
بغض النظر عن الشخص الذي سيتولى الأمانة العامة، فإن مهمة القيادة الجديدة لن تكون سهلة. فالمطلوب هو إعادة بناء الحزب فكريًا وتنظيميًا وانتخابيًا، واستعادة دوره كقوة اقتراحية فاعلة داخل المجتمع السياسي.
نجاح المؤتمر في إفراز قيادة قوية ومقبولة جماهيريًا سيكون مؤشرًا على قدرة الحزب على تجاوز أزمته الحالية والعودة إلى الساحة السياسية بثوب جديد.